روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | أصبحت كسولًا.. عن صلاة الفجر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > أصبحت كسولًا.. عن صلاة الفجر


  أصبحت كسولًا.. عن صلاة الفجر
     عدد مرات المشاهدة: 2504        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال:

كنت محافظًا على جميع الصلوات بما فيها صلاة الفجر جماعة بالمسجد وبعد مدة أصبحت أسمع الأذان فأتكاسل في الذهاب إلى الصلاة وبالأخص صلاة الفجر، حيث إنني أنام عند سماع الأذان.

فأنا والله مستاء مما أنا فيه فأريد أن أعود إلى ما كننت عليه من محافظة على الصلاة.. أفيدوني- جزاكم الله خير الجزاء.

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، وبعد: فيا أخي الحبيب.. لا يشك من عرف حكم الصلاة مع الجماعة، وما فيها من الفضائل والأجور، وما تُوعِّد به المتخلفون عنها من العقوبة وسوء المآل. لا يشك من عرف ذلك، أن المتخلف عنها على خطر عظيم، وأنه قد اقترف ذنبًا كبيرًا، يوشك أن يهلكه، إن لم يتدارك نفسه بتوبة صادقة. فقل لي: ما الذي يعوقك عن الصلاة مع الجماعة؟ أهو لذة النوم؟! لا خير في لذة تعقبها حسرة وندامة، صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يُؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيُصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيرًا قط؟ هل مرّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا، والله يا رب.....»(1).

هذا أنعم أهل الدنيا، فكيف بمن هو دونه! هل تُفضّل لذة ساعة على لذة أبدية. أم هي المشقة؟! نعم، قد يكون في خروجك إلى الجماعة شيء من المشقة من حر أو برد أو نحوهما، لكن هل قارنتَ بين حر الصيف، وسموم جهنم؟ أم هل قارنت بين برد الشتاء وزمهرير جهنم، {وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة: من الآية 81]. أم هو الشيطان وتثبيطه؟! فاحذر أيها الحبيب، أن تُسْلم نفسك لعدوِّك ليلقي بها في جهنم {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: من الآية 6].

واعلم أن من تخلّف عن صلاة الجماعة، فقد استحوذ عليه الشيطان فأنساه ذكر الله، صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية»(2).

أيها الأخ الحبيب: أدعوك دعوة صادقة لأن تحافظ على الصلاة، ومن أبرز الأمور المعينة على ذلك:

1- الصدق مع الله جل وعلا. فإن من صدق مع الله تعالى في توبته، ورغبته في المحافظة على صلاة الجماعة، فإن الله تعالى يُبلّغه ما يريد، قال تعالى: {...فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: من الآية 21]. وقد صحّ أن الله تبارك وتعالى قال في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي»(3).

وصحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لأعرابي سأل الشهادة: «إن تصدق الله يصدقك»(4).

2- أعمر قلبك بالإيمان والعمل الصالح: اهتم دائمًا بسماع القرآن العظيم، واحرص على تلاوته وتفهمه، رقِّقْ قلبك بأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبذكر الجنة والنار.

واعلم أن القلب القاسي هو الذي لا تؤثر فيه المواعظ، لذا تجنّب ما يكون سببًا في قسوة قلبك.

3- ابتعد عن المعاصي: وذلك بجميع جوارحك، وأشغلها بطاعة الله- عز وجل-، واعلم أن الذنوب سبب في حرمانك من الطاعة والتلذذ بها، سُئِل أحد السلف، فقيل له: نعجز عن قيام الليل، ما السبب؟ فقال: (قيدتكم ذنوبكم).

قال ابن القيم: (الذنوب جراحات، ورُبَّ جرح وقع في مقتل). اهـ.

4- اعرف الآثار المترتبة على التخلّف عن الصلاة: ولتكن على بيّنة منها، ومعرفة أضرارها، وخوِّف نفسك بها، مثل: الاتصاف بصفة من صفات المنافقين، صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا...»(5).

وصح أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (... ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق...)(6).

وهكذا تكدر النفس وانقباضها، مثل ما يحدث للإنسان طوال يومه، وبالأخص بعد الاستيقاظ من النوم، ولم يُصلّ الصلاة لوقتها، فضلًا عن شهوده للجماعة، فقد صحّ أنه ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح، فقال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه» أو قال: «أذنه»(7).

5- تعرّف على الأجور والفضائل والمنافع التي تحصل لمن حافظ على الصلاة: مثل قوله صلى الله عليه وسلم فيما صحّ عنه: «... وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلى رُفعت له بها درجة، وحُطّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة»(8).

وقوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له نزله في الجنة كلما غدا أو راح»(9).

وقوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: «بشِّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»(10).

وقوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: «من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله»(11).

وهكذا الفوائد والخيرات، والمنافع والبركات، التي تحصل لمن استيقظ لصلاة الفجر وصلاها في وقتها مع الجماعة، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته فيه بالخير والبركة، فقال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» قال صخر- راوي الحديث-: (وكان صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم أول النهار) وكان صخر رجلًا تاجرًا، وكان إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار، فأثرى وكثر ماله(12).

وفي الوقت نفسه، فائدة صحية، حيث تكون أعلى نسبة لغاز الأوزون في الجو عند الفجر، وتقل تدريجيًّا حتى تضمحل عند طلوع الشمس، ولهذا الغاز تأثير مفيد للجهاز العصبي، ومنشط للعمل الفكري والعضلي، بحيث يجعل الإنسان عندما يستنشق نسيم الفجر الجميل المسمى بريح الصبا، يجد لذة ونشوة لا شبيه لها في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل(13).

فهذه وأمثالها تشجعك على الاهتمام بالصلاة، فلا تغفل عنها.

6- احرص كل الحرص على أذكار النوم، القولية منها والفعلية، وخاصة أن تنام على طهارة.

7- الدعاء والتضرع إلى الله تبارك وتعالى: وذلك بأن يُيسّر لك أسباب طاعته، ومن ذلك الصلاة مع الجماعة، وقد صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى معاذًا فقال: «يا معاذ، والله إني لأحبك، والله إني لأحبك، أوصيك يا معاذ: لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»(14).

8- افعل الأسباب المادية، ولا تهملها: ذلك أنه لابد من الجمع بين الأسباب المادية والشرعية، ومن ذلك:

أ- مجاهدة النفس، وعدم الإخلاد إلى النوم، والتثاقل عن القيام.

ب- عدم النوم قبيل وقت الصلاة.

جـ- وضع منبِّه يساعد على الاستيقاظ لأداء الصلاة.

د- توصية الأهل أو بعض الأقارب أو بعض الجيران، من أهل الخير، بأن يوقظوك للصلاة.

هـ- النوم مبكرًا، خاصة إذا كان الليل قصيرًا.

واللهَ أسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يهيئ لك من أمرك رشدًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

=======================

(1) صحيح مسلم (2807) صفة القيامة والجنة والنار.

(2) سنن أبي داود (547) الصلاة، صحيح أبي داود للألباني ج1 ص 109 رقم (511).

(3) صحيح البخاري (7405) التوحيد، صحيح مسلم (2675) الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار.

(4) سنن النسائي (1953) الجنائز، صحيح سنن النسائي للألباني ج2 ص 420 رقم (1845).

(5) صحيح البخاري (657) الأذان، صحيح مسلم (651) المساجد.

(6) صحيح مسلم (654) المساجد.

(7) صحيح البخاري (3270) بدء الخلق، صحيح مسلم (774) صلاة المسافرين وقصرها.

(8) صحيح البخاري (647) الأذان، صحيح مسلم (649) المساجد.

(9) صحيح البخاري (662) الأذان، صحيح مسلم (669) المساجد.

(10) سنن أبي داود (561) الصلاة، صحيح أبي داود للألباني ج1 ص 112 رقم (525).

(11) صحيح مسلم (656) المساجد.

(12) سنن الترمذي (1212) البيوع، صحيح سنن الترمذي للألباني ج2 ص 4 رقم (968).

(13) مع الطب في القرآن الكريم، لعبد الحميد دياب ص 108.

(14) سنن أبي داود (1522) الوتر، صحيح سنن أبي داود للألباني ج1 ص 284 رقم (1347).

الكاتب: جمّاز الجمّاز.

المصدر: موقع المسلم.